[حينما تسمع عن جحد العالم أو عن هجر العالم أو التطهُّر من العالم، فلابدَّ لك أن تتعلَّم وتعرف أولاً معنى كلمة "العالم". فالعالم هو الطريقة الجسدانية للحياة والذهن الجسديَّيْن.
وإنكار العالم يتضح من هذين التغييرين: تغيير طريقة الحياة، واختلاف الدوافع الذهنية].
لذلك يُحذِّر الآباء من الظن بأن "المكان" هو الذي يجعل الإنسان بمنأى عن الشر.
لكن إطاعة دعوة الله ووصاياه هي التي تُخلِّص. فالخروج من العالم كدعوة من الله، هو الخروج الصحيح من أجل هدف إطاعة الله والحياة بحسب مشيئته، مثلما أن الوجود في العالم يمكن أن يكون لعموم المسيحيين مجالاً للحياة المسيحية الصادقة والأمينة لإطاعة دعوة الله للقداسة والحياة بحسب مشيئته.
لذلك، فالراهب كنازحٍ من العالم، يخرج من العالم ليُحارِب المُحاربة الحسنة ضد نفسه والشيطان والخطية. فهذا النزوح هو غزو لتحرير الخليقة من العبودية للشيطان. وقد نجح الرهبان الأوائل في تحويل "البرية"، التي كانت معتَبَرة أنها "معقل" للشيطان، إلى مدينة؛ كما وصف القديس أثناسيوس البرية فَرِحاً بامتلائها بالرهبان:
"الصحراء تحوَّلت إلى مدينة الرهبان الذين فيها".