لا يجب أن تخور عزائمنا أو يتسرب الشعور بالجبن إلى قلوبنا، أو تتهيأ لنا المخاوف فيقول أحدٌ منا: " أنا خائف لئلا يأتي شيطان ويغلبني، لئلا يرفعني إلى أعلى ثم يطرحني إلى أسفل، أو لئلا يثور عليَّ بغتةً فيُزعجني ".
مثل هذه الأفكار يجب ألاَّ تخطر على بالنا قط، كما يجب ألاَّ نحزن كأننا هلكنا، بل بالأحرى لنتشجع ونفرح دائماً واثقين أننا آمنون. لنذكر في نفوسنا أن الرب الذي طارد الأرواح الشريرة وحطّم قواتها هو معنا. لنذكر ولنضع في قلوبنا أنه طالما كان الرب معنا فإن أعداءنا لن يستطيعوا إيذائنا، لأنهم عندما يأتون يقتربون إلينا في صورة تتفق مع الحالة التي يجدوننا فيها، ويجعلون خداعاتهم لنا موافقة لحالتنا الذهنية الراهنة، فإن وجدونا في حالة خوف واضطراب يقتحمون المكان في الحال كاللصوص إذ يجدونه بغير حراسة، ويفعلون ما يجدوننا مفكرين فيه في نفوسنا بل وأكثر أيضاً. فأن وجدونا خائري القلوب وجبناء يُكثرون من الأمور التي تُرعبنا بعنف بتضليلاتها وتهديداتها، وبهذه تتعذب النفس التعسة من ذلك الوقت فصاعداً.
أمَّا أن وجدونا فرحين في الرب متأملين في نعيم الحياة المقبلة، مفكرين في الرب ومُسَّلَمين كل شيء في يده، وواثقين أنه لا قوة لأي روح شرير ضد الإنسان المسيحي، ولا سلطان لهم على أي واحد إطلاقاً؛ إذا رأوا النفس محصَّنة بهذه الأفكار تنحّى عنه، ولكن عندما رأى يهوذا غير متيقظ أخذه أسيراً.
وهكذا إذا أردنا احتقار العدو فلنتفكّر دوماً في الإلهيات، ولنجعل نفوسنا فرحة دائماً في الرجاء، وعندئذ نرى فخاخ الشيطان كأنها دخان، والأرواح الشريرة نفسها تهرب بدلاً من أن تتبعنا لأنها – كما قلت – شديدة الخوف جداً، تتوقع دائماً النار المعدة لها .
( عن عظة للقديس الأنبا أنطونيوس الكبير تحت عنوان حياة – عن كتاب فردوس الآباء ( بستان الرهبان الموسع ) الجزء الأول – إعداد رهبان ببرية شيهيت – الطبعة الثالثة 2008 – ص 124 و ص 125 ؛ فقرة 20 و 21 )