سألت نفسي كثيرا عن السبب الذي الذي حرك قلب قديسنا نحو الفقراء الى هذا الحد، فكلنا نقرأ الكتاب المقدس ونعرف الوصايا الخاصة بالفقراء ولكن قلوبنا لا تلتهب بمحبتهم الى هذه الدرجة، هل سلمها له والداه، أم تأثر ببعض الفقراء في بكور حياته، هل كان فقيرا وذاق طعم الفقر وعانى من ذله؟ هل ادرك مبكرا أن ذلك سوف يشفع فيه في الملكوت، هل خشي أن يصرخ ولا يستجاب له متى صرخ المسكين ولم يستجبه هو؟ وفي الموائد التي كان يصنعها للفقراء هل تاثر ًبمثَل الوليمة التي ذكرها المسيح "اذا صنعت غذاء او عشاء فلا تدع اصدقاءك ولا اخوتك ولا اقرباءك ولا الجيران الاغنياء لئلا يدعوك هم ايضا فتكون لك مكافاة" (لوقا 14 : 12).
أم أنه أدرك أن المال ليس ماله، وانما هو أمين عليه فقط. لقد عرف التاريخ الكثير من محبي الفقراء، مثل القديس بولس الرسول والقديس ايسوزورس السكندري والقديس فم الذهب والقديس اغسطينوس، والمعلم ابراهيم الجوهري، وغيرهم كثيرين من الرهبان الذين كانوا يعملون بايديهم ليعولوا الفقراء، ولكن الانبا ابرام بينما كان يؤدي كافة واجباته الاسقفية، كان يشعر بمسئوليته عن الفقراء، وقد خصص الدور الاول من مسكنه للعناية بالفقراء والمرضى، ببل لقد تعرض للطرد من اكثر من مكان، بعد اتهامه بتبديد اموال الاديرة ثم المطرانية "ولكن وان تالمتم من اجل البر فطوباكم .." (1بط 3: 14)
بل أن الكثير من معجزاته تتعلق بمحبته للفقراء، مثل التي جرت دفاعا عنه ضد المشتكين عليه عند البابا البطريرك، أو الذين سخروا منه وخدعوه وابتزوه، وهكذا... ولقد وجد في الكتاب المقدس أغنى الكنوز، فأغنته عن أموال العالم، ولذلك استخف بأمور العالم، كان يقرأه كاملاً مرة كل أربعين يوما، كما حفظ كميات كبيرة منه عن ظهر قلب، بل كثيرا ما جاءت خطاباته عبارة عن نصوص متصلة بدءا من الافتتاحية وحتى الختام.
"ان كنا فقراء من أموال هذا العالم فلنا الجوهرة الثمينة اسم الخلاص الذي لربنا يسوع المسيح ...
ليست اموال هذا العالم الزائل التي نطلبها، بل اسم الخلاص الذي لربنا يسوع المسيح....
لقد ألهم القديس الانبا ابرام قلوب عشرات الالوف من الخدام والخادمات وافراد الشعب العاديين لحب الفقراء والدفاع عنهم، واتخذت خدمة الفقراء في كل مكان الانبا ابرام شفيعا لهم، حتى انه لا تخلو ايبارشية وربما كنيسة من اسرة للأنبا ابرام، وصار يضرب به المثل في حب الفقراء، لدرجة ان يقال انه "لو كان انبا ابرام لما احتمل هذا" ولقد استحق الطوبى التي أعطاها الرب لمحبي الفقراء: "طوبى للذي ينظر الى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب" (مز 41 : 1) ولا شك أن صفوف الفقراء الذين خدمهم وخفف عنهم سيشفعون فيه يوم الدينونة.
بركة صلاته فلتكن معنا آمين.
انبا مكاريوس