في عيد نياحة القديس العظيم أنبا أنطونيوس:
أنطونيوس اسم فخر، أنطونيوس وكفى، أي لقب يُضاف إليه سيضعه في مستوى اللقب، ولكن اسمه المجرد هو قيمة وفخر، فهو أب، وهو قائد، وهو قديس، وهو مُلهِم، وهو حكيم، وهو المنارة العليا لكل من أراد أن يهتدي إلى الحياة الرهبانية الأصيلة، وهو مُزيَّن بالفضائل الكثيرة. حروف اسمه تعني التعويض (عوض الله) وقد عوّض الله الكنيسة بعد موجة الاضطهاد والاستشهاد بالرهبنة، وعوّض الله أنطونيوس ذاته -والذي ترك الأهل والمال والكرامة الزمنية- بكرامة أعظم وهي كرامة الرهبنة، وعن المقتنيات عوّضه بآلاف الأضعاف، وعن البنين بملايين البنين والبنات الروحيين في الأديرة في العالم كله على مدار التاريخ، وعن التعزيات البشرية في العالم عوّضه بالتعزيات الإلهية في البرية.
إنه رجل واحد ولكنه جمع حوله جمهورًا غفيرًا فصار إبراهيم الجديد، وكما ترك إبراهيم أهله وعشيرته هكذا أنطونيوس، ومثلما أطاع إبراهيم فباركه الرب هكذا أنطونيوس. إنه الغني الذكي الذي حسبها بمهارة فربحت تجارته. وهو الرجل الذي تجاوز الزمن والشهوة وقفز على مجد العالم وكراماته، ليصل إلى مذاقة الأبدية وهو ما يزال قائمًا في الجسد. هو البسيط الذي أذهل بحكمته الفلاسفة والحكماء. وهو الذي وُصِف بأنه رصين الأخلاق. وهو ومع كل ذلك اتضع أمام الشياطين فأخزاهم، بل هو الذي سمع لامراة بسيطة وقَبِل منها الدرس الذي دفعه للحياة في البرية الداخلية. وهو الذي طاف على أكواخ النساك والمتوحدين يلتمس المشورة ويتلمّس الطريق. وهو الذي سعى إلى بولا السائح متكبدًا مشقة كبيرة، ليراه ويتبارك منه. وهو الذي لم تحجبه محبته للوحدة عن ترك مغارته إلى حينٍ ليقوّي المؤمنين في العالم.
قال القديس سمعان العمودي: "لتكن أسماءُ الإخوةِ حُلوةً في فيك، ومناظرهم جميلةً محبوبةً في عينيك"، وقد صار اسم "أنطونيوس" حلوًا في أفواهنا: أنطونيوس الراهب القبطي أب كل رهبان وراهبات العالم.
تذكار نياحة الأنبا أنطونيوس
انبا مكاريوس