- نحن لا نؤمن بمبدأ القدرية :
لابد للإنسان أن يعمل ولا ينتظر أن الله يعمل كل شىء، ولذلك يقول: انظر إلى النملة أيها الكسلان، تعلم من النملة، النملة تعمل وتُحَضّر للشتاء من الصيف، والنحل يطير والعصافير الله يقوتها لكنها مع ذلك تتحرك، الذى يقوله البعض: " ربنا يستر وربنا يغنى"، هذا الكلام ناتج عن الاعتقاد بمبادىء القدرية، نحن لا نؤمن بها أبداً، الله يعطى حرية للإنسان لكى يعمل الإنسان، ثم عندما تعجز تستمد القوة من الله، فتجرب عمل الله وتختبر يد الله معك .
إنما عندما تنتظر فى كل شىء أن الله هو الذى يدفعك، هذا خطأ، الله لا يلغى دور الإنسان، ولا يظن الإنسان أن من التدين أن الله يعمل كل شىء، هذا من مبادىء القدرية الموجودة بين شعبنا، وهى غير موجودة فى المسيحية، رجل قتل إنسان، وفى قضايا القتل التحقيقات قد تأخذ ألوف الصفحات، وأحيانا تصل لأربعين ألف صفحة، وعلى القاضى أن يقرأ هذا كله، ولكن يوجد مبدأ اسمه الإقرار هو سلطان الأدلة، وهذا مبدأ قضائى معروف .
فلو أن هذا الرجل اعترف بأنه هو الذى قتل، يعفى هذا القاضى من كل هذا التعب، فالقاضى رأى كل القرائن تدل على أن هذا الرجل هو القاتل، لكنه يريد أن يسحب منه الاعتراف، فقال له: يارجل أنت قتلت فلان، فقال له: لا أنا لم أقتله، قال له كيف، كل الأدلة تدينك، إذن من الذى قتله؟، قال له: الله هو الذى قتله، أنا نفذت أمر الله، تصوروا تصل الغباوة بهذا الإنسان أن يتنصل من المسئولية، ويقول أن الله هو الذى قتله، فقط أنا نفذت أمر الله، هذا هو المعتقد الموجود فى وسط شعبنا اليوم، والبعض يقول: الزواج قسمة ونصيب، وآخر يقول:
إن حظى كدقيق بين شوك نثـــــــــروه
ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعـــوه
صعب الأمر عليهم قلت ياقوم اتركوه
أن من أشقاه ربى كيف أنتم تسعدوه
كل هذه الآراء لا نؤمن بها، مبدأ القدرية يضع على الله كل شىء، أنت أيها الإنسان لماذا خُلقت؟ نحن فى حقل تجريب هنا فى الأرض، ويترتب عليه الجزاء الأخروى، لذلك البشر والملائكة، كائنات عاقلة حرة مريدة مسئولة، أربع صفات، لكن الحيوانات العجماوات والحشرات مقيدة بالغريزة، ولذلك تجدوا الحمامة مثل الحمامة الأخرى، والأسد مثل الأسد الآخر، والضبع مثل الضبع الآخر، والكلب مثل الكلب الآخر، انما الإنسان كان فيه قايين وهابيل، الإثنين من بطن واحدة، لكن واحد خَيّر والثانى شرير، هكذا عيسو ويعقوب كانا توأمين لكن هناك اختلاف لأنه يوجد حرية .
لكن الحشرات كلها مثل بعضها تماماً، لا تنسى يا ابنى الكرامة التى أعطاها الله لك، أنت كائن حر عاقل مريد، أى لك إرادة كما قال لليهود: كم من مرة أردت أن أجمع بنيك ولم تريدوا، أى هناك تعارض، الله يريد والإنسان قد يريد إرادة أخرى غير إرادة الله، ومرة أخرى يقول: ها أنا جعلت أمامك الحياة والموت، اختاروا لأنفسكم الحياة، المسألة اختيار لا تقول لى قسمة ونصيب، الإنسان عندما الله يوفقه فى شىء يقول: العبد لله عرف يختار، لكن عندما لا يوفق يقول: الله ابتلانى، أى ينسب إلى الله أنه هو أساس الشر، وهذا هو الكفر والإهانة لله .
فلا تنسى يا إنسان أن لك دور، حتى الخلاص الله له فيه دور والإنسان له دور، وهذا ما قاله أحد القديسين: إن الله الذى خلقك من دونك لا يقدر أن يخلصك من دونك، تقول كيف يقولون عن الله أنه لايقدر؟ نعم، الله لا يقدر أن يخلصك من دونك، لابد أن تطلب أنت لأن هذه كرامتك كإنسان، فنحن وجودنا فى الأرض هنا مرحلة أولى، فلا بد أن نجرب وأن يشعر الإنسان أنه مسئول.