روح التوبة وكيف تحل في الأنفس وتسكن في التائبين المحقين وكيف تفعل فيهم
روح التوبة: إذا ما سكنت في الإنسان هذه هى فاعليتها تملأ النفس ندم وفرح ..ندم على الزلات القديمة وفرح على الخيرات المنتظرة، وتكون للتائب كمثل الأم المربية،
وتشير إليه إن كنت بالحق أعطيت نفسك للتوبة باغتصاب: جميع خطاياك القديمة يغفرها المسيح برحمته ويقطعها بالكمال.
تفعل الرحمة في التائب إنه ليس يصدق بهؤلاء لئلا من أجل ثقته بالغفران يتولد فيه رخاوة وانحلال ويتخلف عن العملويهلك، ولكن قليلا قليلا حسب العمل والتوبة ومدة وقته فيهم.
وأوقات تخوفه بالرعب المحزن وبتهديد اللَّه المخوفة وقطع القضية في الجحيم، وفي وقت تبهجه بالفرج كمثل الشعاعالذي يظهر على الأرض من وسط قتام السحاب، وتظهر له إن كان صبورًا، حد الآلام الداخلية والخارجية، وتورية الخطاياالخفية التي تعمل في الخفاء. والخطايا الظاهرة والخزي والخجل.
وتعلمه إن كنت دفعة واحدة تغصب ذاتك بالقسر وتقطع من القلب أصول الآلام الداخلة التي منها يتولد الآلام الخارجية،تنعتق بسهولة من الآلام والخطايا وتؤهل للذكاوة وعدم التألم الذي قالته الآباء.
وتحرك في قلبه حيل بها تنقهر الآلام من الفكر وتجعله يقاوم نفسه ليكمل بالغصب جميع أعمال الفضيلة: الصوم،السهر، النسك ، السكون، الحبس، وما تبقى من غير أن يشاء القلب.
ويستهين بنفسه ويمقتها في كل وقت خفيًا وظاهرًا، ولو أنه يكمل الفضائل على الدوام، يرى نفسه كمثل كسلانومغضب للَّه، وتعلمه احتقار النفس وازدراء الذات اللذين هم سياج وحصن كل الفضائل.
هؤلاء وما يشبههم تصنع روح التوبة في قلب التائبين الحقيقيين وبهذه الاغتصابات الخفية والظاهرة وأكثر منها تفعلالتوبة في القلب، وتنقي التائبين وتعدهم لقبول روح القدس.
وأنا أشير عليك أيها التائب المتضع لأجل الحب ومن التجربة إن ظفرت بالرحمة ونقيت بالتوبة، وبدأت تلج بإدراك المنزلةالثانية، تلك التي ليس بغير معرفة وإيضاح، بل بدلائل ظاهرة تريك ذاتها محسوسًا، وتؤهلك لانفعال الروح.
احترس أن لا تسيب حواسك وحفظ قلبك ونسك بطنك بل بزيادة كن محترسًا بالحفظ والوداعة التي فيك، لئلا يكونظفرك انغلابًا، وسقطتك تحذير ونهوض وقيام كثيرين، وبالأكثر احتفظ بلسانك وتضرع بدموع للمسيح أن يحرسك بغيرفتور خفيًا وظاهرًا، ورتل مع داود بن يسى على الدوام روحك القدوس لا تنزعه عني، وبقية الكلام ..
ولو أن يتقدس القلب بحلول الروح ويؤهل لاستعلان أسرار المعرفة، فمتى أصاب الإنسان الانحلال وعدم الاحتراسويتهاون في التدبير، وبالأكثر الشبع، ويرجع إلى قيئه الأول، يظلم أيضًا القلب بالتخلية، ويخيب من النور والحياةوالنعمة.