ألمحبة والتسامح
[إنني أقبل عطاياك وأصوامك حالما تتصالح مع أعدائك، حينما لا تحمل أي كراهية أو حقد على أحد، وحين لا تَدَع الشمس تغرب على غيظك]
«تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحةً لنفوسكم. لأن نيري هيِّن وحِمْلي خفيف» (مت 11: 28-30)
حقاً يقول الرب إنَّ «حملي خفيف». لأنه أي حِمل هو وأي تعب في أن نغفر للأخ إساءاته لنا؟ فهو حقّاً خفيف، بل وليس بشيء يُذكَر أن نغفر وننسى بإرادتنا فنُحسب للوقت نحن أنفسنا أبراراً.
فهو لم يَقُلْ: قدِّموا لي أموالاً أو عجولاً أو أغناماً أو أصواماً أو أسهاراً، حتى تقول إنه ليست لديَّ هذه الأشياء، أو إنني لا أستطيع فعل هذه الأمور.
لكن ما هو خفيف وسهل ويُعمَل بسرعة، هذا هو ما يطلبه منا أن نفعله:اغفروا ما لأخيكم عليكم وسأغفر أنا لكم ما هو عليكم نحوي،أنتم تسامحون إساءات صغيرة أو تتركون ديوناً قليلة: بضعة قروش أو دريهمات،أما أنا فأسامحكم إلى ست مئة وزنة فضة،ثم إنكم إذ تسامحون لستم تعطون شيئاً مما لكم،في حين أنني إذ أمنحكم الغفران أهبكم في نفس الوقت شفاء النفس وميراث الملكوت إنني أقبل عطاياك حالما تتصالح مع أعدائك،حينما لا تحمل أي كراهية أو حقد على أحد، وحين لا تَدَع الشمس تغرب على غيظك، وحين يوجد فيك السلام والمحبة تجاه كل الناس؛
حينذاك تُسمَع صلواتك، وتكون تقدمتك مقبولة ومرضية لله،فيصير بيتك مُبارَكاً وتتبارك أنت أيضاً.
أما إذا كنت لا تريد أن تتصالح مع أخيك،
كيف يتسنَّى لك أن تطلب الصفح والغفران مني؟
أتدوس كلامي في الأرض وتأمل أن تنال صفحاً؟
وإذ أنا نفسي سيدك آمرك ولستَ تسمع لي، وأنت العبد،
كيف تجرؤ أن تأتي وترفع الصلاة إليَّ أو تُقدِّم لي الذبائح والبكور
بينما يملأ الحقد قلبك على الآخرين؟
لأنه كما تحوِّل أنت وجهك عن أخيك،
هكذا سأُحوِّل أنا عيني عن صلواتك وعن تقدماتك.
أعود فأسألكم يا إخوتي: طالما أن الله محبة، وطالما أن كل ما يُعمَل بدون محبة هو غير مَرْضيٍّ لله، فكيف يقبل الله الصلوات والتقدمات والبكور وكافة الأعمال الصالحة التي يُقدمها القاتل ما لم يُقدِّم توبة كما ينبغي؟ ولكنك قد تقول: أنا لستُ قاتلاً! وسأُبين لك أنك كذلك، بل بالأحرى يوحنا اللاهوتي سيكشف لك هذا بأجلى بيان حين يقول: «كل مَن يبغض أخاه فهو قاتل نفس» (1يو 3: 15).
سبيلنا، إذن، أنه لا ينبغي أن نُقدِّم شيئاً على المحبة، أو نُفضِّل امتلاك أي شيء مهما كان على امتلاك المحبة. فلا نترك شيئاً فينا ضد أي شخص آخر أو نردّ الشر بالشر، كما ولا نَدَع الشمس تغرب على غيظنا؛
"ولكن فلنصفح عن كل ما يُساء إلينا به، ولنعلم جيداً أنَّ (المحبة تستر كثرة من الخطايا)