مديح لآباء السواح
+ بحكمة وتمييز اختاروا طريقهم.
فحفظوا نفوسهم وصانوها من كل مضرة.
ولهذا السبب وحده،
أحبوا الوحدة بعيدًا بعيدًا في القفار:
لأنهم إذ مكثوا وحدهم،
ظلوا في حماية من كل شر.
+ هناك عاشوا حيث لا يوجد إنسان
قد يؤذى نفوسهم ولو بكلمة،
أفواههم كفت عن كلام الهزء
وامتلأت ألسنتهم كل حين بنغمات التسبيح.
امتنعوا عن كل حديث ما جن.
وانطلقوا يلهجون بترتيل المزامير بغير سكوت.
سكنت ألسنتهم عن النم والذم.
وفاضت عوضًا عن ذلك بتماجيد الرب.
+ هربوا من كل الأمور غير النافعة،
والتزموا بكل ما يبنى نفوسهم وأرواحهم.
+ حملهم الوحيد هو شعر جسمهم
والثوب الذي يستر أجسادهم
+ بعضهم يتدثر بالمسوح
والبعض الآخر يلبس ثوبًا من قش مجدول.
+ تنزف الدماء من أقدامهم،
لأنهم حفاة يمشون اليوم كله
تنضنك أجسادهم وتتآذى،
من كثرة ما يلتصق بها من قذر الطريق.
+ كل موضع يحل فيه أحدهم،
هناك ينصب صليبه وهناك تصير كنيسة.
وحيثما يدركه مغيب الشمس،
هناك يجد هيكلًا مكانًا لراحته.
+ مائدته تمتد قدامه،
فى أي موضع يحط فيه،
حيث عندما يحين وقت الطعام،
يلتقط أعشابه ويأكل.
+ من كل عشب يلتقط ويأكل بإيمان
وكل ما يتبقى عنه يتركه خلفه ويمضى في طريقه.
لأنه سمع ذلك القول: (لا تهتموا بما للغد).
+ لم يخشوا مرضًا،
لأنهم سروا بالآلام.
ولم يرتعدوا من الموت،
لأن الموت عندهم راحة من الأتعاب.
+ وحيث أنهم ماتوا هنا عن العالم،
فقد آمنوا أنهم سيحيون هناك لله.
+ يذكرون دائمًا الكلام،
الذى كلم به الملاك دانيال قائلًا:
(أما أنت فاذهب إلى النهاية فتستريح).
كانوا واثقين أن الموت رحمة.
+ ولأن الموت الزمنى،
هو رحمة للأبرار،
استهانوا به واحتقروه،
حتى صار عبدًا ذليلًا خاضعًا لهم.
+ بماذا آذى الموت أليشع النبى،
الذى نزل إلى الهاوية،
لأنه بينما هو في حفرة الموت،
أقام ميتًا ومن أنياب الموت انتزعه.