من أجل إصلاح الذين يعيشون في الأهواء ويسعون وراءالإكرام والمديح
إن كان كلامي هذا لا يسرّكم فلا بأس من ذلك لأني أريد أن استخدم الكيّ حتى تتحرّروا من الجرح البليغ. لا تعتقدوا أن الله يجهل أهواءكم الخفية.
إني أخجل في وصف ما تفعلون في السرّ، إن ذكرتها لا تتحملون بل تهربون بعيداً.
لذلك أرجوكم تواضعوا عن طريق الطاعة والمحبّة والبساطة وإذلال النفس والانسحاق، بها تخضعون بعضكم لبعض وتضبطوا أنفسكم متسلحين بالصوم، بالصلاة والسهر.
لا تتجبّروا بالخصام وتتعالوا بالترتيل. لا تكونوا ساهرين في أفكاركم ونظراتكم كالوحوش المفترسة بينما تنعسون في الصلاة وتغلقون العينين.
لا تكونوا مقتدرين في الثرثرة كالثيران وفي تمجيد الله خسعاناً كالثعالب.
لا تكونوا في الجدل غالبين وفي الروحيات ضعفاء.
لا تكونوا مغبوطين في المزاح وعابسين عندما تنصحون.
لا تكونوا أصحاء في النهار وفي شراهة البطن ومرضى وكسالى في الصلاة الليلية.
لا تكونوا شجعاناً في الحديث مع الآخرين وضعفاء في العمل والتطبيق.
لا تكونوا مقتدرين فيما تأمرون ومُحبطين فيما تُؤمرون.
لا تكونوا مسرورين في اخضاع الآخرين ونافرين في الخضوع للآخرين.
لا تكونوا قساة في أوامركم ومتذمرين لأوامر الآخرين...
لا تكونوا مسرعين إلى الموائد ومتكاسلين في الأشغال.
لا تكونوا أقوياء في كثرة المآكل وضعفاء في الصوم.
لا تكونوا متهللين في شرب الخمر ومتحفظين لشرب الماء.
لا تكونوا ساهرين تراقبون ما حولكم بينما ذهنكم مظلم لا يميّز الصلاح.
لا تكونوا مهذبين أمام النساء ومتوحشين أمام الإخوة.
بعكس ذلك أرجوكم يا أبناء الله الأحباء، توقوا إلى الأعمال الصالحة، إلى كل ما هو للبنيان، كل ما له صيت حسن (في ٤، ٨). فوق كل شيء، اسعوا وراء التواضع، المحبّة، الصلاح والوداعة.
تنازلوا لبعضكم البعض ولا تتخاصموا. اتعبوا في الصوم والصلاة كي تستطيعوا ان تتغلبوا على الاهواء الجسديّة حتى لا نحرم من مثل هذه الخيرات الكبيرة بداعي الاهواء الهزيلة.
فلا نخسرنّ المجد الابدي ساعين وراء المجد العابر. لنسرع أرجوكم طالما نحن في الجسد لنعمل ما يُرضي الرب (أف ٥، ۱٠).
لنسرع ونغصب أنفسنا لأن العاصفة آتية فلا نكن غير مبالين. صراعنا ليس ضدّ الناس المنظورين لأن محاربنا غير منظور. لذلك الخطر كبير للمتهاملين أما للغالبين فلهم ثواب عظيم.
لنحارب عدوّنا بفنّ وحكمة. إن دعانا الى الشراهة فلنحاربه بالإمساك. إن أثار فينا شهوة الزنى فلنضبط حواسنا ونصبر فيتبخّر.
إن دفعنا الى الغضب فلنتسلح بالوداعة والسلام. إن أشعل فينا الكراهية فلنلتصق بالمحبّة.
إن دفعنا إلى طلب الإكرام فلنُظهر له انسحاقنا، إن حرّضنا على طلب المجد فلنرتدِ البساطة.
إن جعلنا نلجأ الى الكبرياء فلنتفكر بتواضع الربّ.
إن جرّنا الى حسد أخينا فلنفتكر بما وصل إليه قاين (تك ٤، ١١).
إن دفعنا الى النميمة فلنتذكّر هلاك عيسو (تك ٢٥، ٣٤.... عب ۱٢، ۱٦-۱٧)؛ إن جعلنا نتكلّم شرّاً فلنَصن نفسنا بالصمت.
هكذا إن قاومناه يهرب ولن يثبت أمامنا. فتعود إلينا النعمة الإلهيّة من جديد.