إن الآباء القديسين كتبوا بإلهام الروح القدس ولا يقدر أحد منّا أن يفهمهم إلآ بالإلهام نفسه.
وللحصول على هذا إلالهام، يجب أن نصلّي اولاً ونطلب شفاعتهم محاولين الاقتداء بسيرتهم قدر المستطاع، لكي ينغرس في نفوسنا الشوق إلى فضائلهم.
عندئذ نقتلع الأهواء من نفوسنا، ونبتعد عن كل ما يشوش إفكارنا من الأمور الدنيوية الزائلة.
فالآباء القديسين ليسوا بشعراء أدبيين، ولا فلاسفة يتشدقون بأمور مجردة لا تمس الحقيقة بشيء، ولا بكتّاب أخلاقيين يحددون أصول التصرف الإنساني في المجتمع.
لكنهم رجال علماء في الروح، عرفوا اللّٰه لأنهم عاشوا معه وعاينوه ولمسوه.
لهذا جاء تعبيرهم عن هذه الخبرة، بلغة بسيطة ومحدودة جداً.
وهذه اللغة، بالنسبة لذلك العالم الروحي اللامحسوس،تبقى مقصّرة عن وصفه الوصف الكامل.
لهذا فالأدب والفلسفة والعلم لا يمكنها أن تكشف الحقيقة المحجوبة وراء الكلمة، إلا لذلك الذي اتحد باللّٰه واستنار بنوره.
فالآباء إنجيل حي معاش، كتب بدم وجهاد.
لذا فالسير على خطاهم، هو لنا خير ينبوع نرتشف منه روحه، ونبلغ الهدف المنشود الذي هو الاتحاد باللّٰه.
وإذا لم تفهم عمق الآباء، فالنصل ونطلب شفاعتهم.
وهذا ينجينا من الكبرياء، لأن من يدنو منهم باستعلاء لا ينال شيئا البتة.
أما من يدانيهم باتضاع، فيغتني من كنوزهم.
القديس إسحق السوري