Home
فخــــر ورائــــدة البتــــوليــــة
البخور المختـــــار ، الذى لبتوليتك ، صعـــــد إلى كرسى الآب ....
مباركـــــة أنت يـــــامريم ، ومباركــــة ثمرتك ، أيتهـــــا العذراء ...
أم اللـــــــه ، فخــــــر البتوليـــــــة>
إن سيرة القديسة الطاهــرة
مريم والدة الإله ليست بالسيرة العادية البسيطة لكل إنسان لما احتوته من أحداث عظام
فريدة من نوعها ، رفعتها لتصير حديث وفخر وتطويب الأجيال …
كيف قضت عذراء الدهور حياتها من أعماق إلى أعماق لا ينطق بها من قبل البشارة
بالميلاد البتولى من الروح القدس ، ثم بعد البشارة وحملها للجنين الإلهى وبعد
الميلاد وهى ملاصقة لسر التجســـد العجيب الذى خرج إلى العالم من بين يديها وأمام
عينيها ، وتمم الفداء وخلاص البشرية وهى محتفظة ومتأملة به فى قلبها وحدها ؟!!
لا يوجد فى لغة البشر ما يمكن أن يصفه لأنه مذهـــل لعقول الفهماء …
" حينما أريد أن أتأمل فى والدة الإله .. يأتى صوت صارخ فى أذنى ..
لا تقترب إلى هنا .. الموضع الذى أنت واقف عليه أرض مقدسة .. "
( الأنبا ساويرس الأنطاكى )
لقد فاضت الكتب الآبائية للكنيسة الأرثوذكسية : اللاهوتية والطقسية والروحية فى شرح
هذا التراث الإيمانى العظيم الخاص بوالدة الإله ووضعت لها الإكرام والتمجيد اللائق
بها فى تقنين لاهوتى حذق جدا دون المبالغة ودون الإقلال من شأنها .. وجاءت كل
الأوصاف والأشياء العالية لتعبر عما أحتوته واستحقته من المجد والكرامة .
فإن كان شخص السيد المسيح المخلص العجيب ، الواحد مع الآب فى الجوهر هو محور تاريخ
البشرية كلها منذ خلقة آدم وحواء إلى آخر الدهور .. كانت أمه ، هذه العذراء القديسة
، هى الشخصية البالغة الأهمية التى كانت محط رموز وإعلانات ونبوات العهد القديم ،
حيث يشير إصبع الوحى الإلهى ويحدد بدقة بالغة إلى عـــذراء أم فريــــدة من نوعها
ستصير والدة الإله :
" يعطيكم السيد نفسه آية ، ها العذراء تحبل وتلد ابنا ،وتدعو اسمه عمانوئيل " إش 7 : 14
فإن القديسة مريم العذراء هى الإنسانة الوحيدة التى انتظرها الله آلاف السنين حتى
وجدها المستحقة لهذا الحبل الإلهى ، لذلك يلقبها آباء الكنيسة بـــ " عذراء الدهور
" .
هذه العذراء المطوبة استطاعت وهى تحت الضعف البشرى أن تحمل نير شرف التجسد الإلهى
المهول ، وتقبل فى أحشائها نار اللاهوت ، فأصبحت بعظم اتضاعها وتقواها أعلى من
السموات وكل الساكنين فيها .
" السلام لك يا ممتلئة نعمة الرب معك ،
مباركة أنت فى النساء " لو 1 : 28
هكذا بدأ الملاك جبرائيل تحيته للقديسة مريم ودعاها إلى فرح قلبى عظيم سره فى سكنى
المسيا مخلصها فى داخلها …
وهنا يعلق القديس أمبروسيوس قائلا :
" لقد اضطربت القديسة مريم وذهلت عند سماعها لهذه العبارة الجديدة للبركة التى لم
تقرأ من قبل فى أى مكان ولم يسمعها أحد .. فقد انفردت العذراء مريم بدعوتها
>
* الممتلئة نعمة *
إذ وحدها نالت النعمة التى لم يقتنيها أحد آخر غيرها ، إذ امتلأت بواهب النعمة ..
الكلمة السمائى " .
+ ويقول القديس مار إفرام السريانى :
" حملت مريم النار فى يديها ، واحتضنت اللهيب بين ذراعيها ،
أعطت للهيب صدرها كى يرضع ، وقدمت لذاك الذى يقوت الجميع لبنا ..
من يستطيع أن يخبر عنها ؟!!
وكان سؤال القديسة مريم الوحيد للملاك :
" كيف يكون لى هذا وأنا لا أعرف رجلا ؟" لو 1 : 34
هو الطيب المحبوب المسكوب لدى الآب السماوى ، الذى عبق المسكونة كلها بأريج العطر
الفاخر الذى للبتولية المتأججة فى أماقها لكمال كل قداسة وبر ، الذى صار ميراثا
وقوة للأجيال فيما بعد ..
فأعلن لها وحدها عن كيفية حدوث هذا السر الإلهى العالى :
" الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك "
لو 1 : 34
وفى الحال استوعبته القديسة البتول ، وحينما وافقت وقبلت أن يحل فيها سر فرح
الأجيال ، أعلنت بسمو اتضاعها الفائق :
" هوذا أناآمة الرب .. ليكن لى كقولك "
لو 1 : 38
هذا الميلاد البتولى الذى حدث مرة ولن يتكرر ، إنما هو برهان على إيماننا فى شخص
السيد المسيح أنه ليس من العالم ، وأنه ابن الله ، وهذا يمثل عنصرا أساسيا فى قانون
إيماننا المسيحى الذى أكده آباء الكنيسة منذ وقت مبكر فى كتاباتهم ودفاعهم عن هذا
الميلاد البتولى ..
كما شهدت أليصابات لهذا الميلاد البتولى قائلة :
" مباركة أنت فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك " لو 1 : 42
فانطلق لسان العذراء مريم العذب برزانة فائقة وفى كلمات قليلة مفعمة بقمة الفهم
والوعى الروحى المتقد ينشد التعظيم للإله :
" تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى … " لو 1 : 48 - 49
" أى لسان جسدى يستطيع أن يتأملك أيتها العــذراء
القديسة والدة الإلـــه …
لأنك صرت عرشا ملوكياللمحمول على الشـــــاروبيم "
هكذا صيرتها النعمة الإلهية قدس أقداس حقيقى يسكنه الله ، سماء ثانية ، أما للحياة
والنور والواحد القدوس .. كما يصفها التقليد الكنسى وتذكرها التسبحة اليومية .
" العذراء مريم هى فخر ومجد العذارى ، وفرح وتهليل الأمهات ، السند الأمين لكل
المؤمنين ، ملجأ الأبرار والصديقين "