سراج الجسد هو العين فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما: فإن كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام  كم يكون؟ !مت6:23,22
 
العين:👀
العين هي سراج الجسد..
والسراج يرمز إلي النور.
فالعين إذن هي النور الذي يري به الإنسان كل شيء, ولذلك فمن عبارات الدعاءليت الله ينير لك عينيك أي تحتفظ كل عين بنورها لأنه إن فقدت العين نورها يعيش الإنسان
 في ظلام.
العين نري بها ونري بها هي تكشف لنا كل شيء أمامنا.
وأيضا نحن ننكشف بها.
.تنظر إلي عين شخص
 فتعرف دواخله .
وكأن العين مرآة,نري فيها
 كل مشاعر الإنسان وأفكاره وأحاسيسه.إن كان يحبك تري في نظراته الحب وإن كان يكرهك تري الكراهية في عينيه إن كان في قلبه غضب أو غيظ أو حقد يظهر كل ذلك في نظرات عينيه وإن كانت في مشاعره قسوة أو رغبة في العدوان أو في الانتقام تكشف ذلك عيناه. المكر يظهر في عينيه. والكبرياء والتعالي تظهر في عينيه وكذلك الحسد والغيرة بل أيضا الاشمئزاز والضيق وباقي المشاعر.
لذلك فالبعض يلبس أحيانا نظارة سوداء ليخفي بها مشاعره.
ويخفي بها أيضا أفكاره ونياته فلا تنكشف لناظريه...
لكن لابد سيأتي الوقت الذي ينزع فيه الله كل النظارات السوداء من فوق عيون الناس لكي يظهروا علي حقيقتهم.
العين أيضا تظهر ضعفات الناس:إن كان عندهم خوف ورعب أو قلق واضطراب أو يأس ومذلة وصغر نفس,أو كان في نظراتهم توسل أو استعطاف أو شهوة..
كل ذلك تظهره العين.
فما معني إذن:إن كانت عينيك بسيطة.
بسيطة أي كما خلقها الله,
بغير إضافة المشاعر البشرية الخاطئة بغير إضافة حقد ولامكر ولاشهوة ولاكبرياء..الخ لأنها بهذه الإضافات لاتكون بسيطة لذلك فالترجمة الإنجليزية لهذه الآية:single eyeوليسa simple eye هي منفردة بغير إضافة.
وهذا هو ما نعرفه في الكيمياء:فمثلا النحاس مادة بسيطة ولكنه إذا اتحد بالأوكسجين وصار أكسيد نحاس يصبح مادة مركبة وليست بسيطة, عينك إذن تكون بسيطة إذا لم تختلط بمشاعر شريرة.
نضرب لهذا مثلا بأبوينا الأولين آدم وحواء.
كانت عيونهما بسيطة في باديء الأمر وكانت شجرة معرفة الخير والشر في وسط الجنةتك3:3ولعلهما كانا يمران عليها كل يوم دون أن تسبب لهما أية عثرة ولكن لما أضيف إلي بساطة أعينهما إغراء الحية بأنهما يصيران مثل الله عارفين الخير والشرتك3:5لم تعد العين حينئذ بسيطة وهكذارأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظرتك3:6...تغير الحال تماما لأن العين فقدت بساطتها.
وكما تغيرت نظرتهما للشجرة تغيرت نظرتهما لبعضهما البعض!
كانا عريانين وهما لايخجلان تك2:45حينما كانت أعينهما بسيطة فلما فقدت بساطتها بالأكل من الشجرة علما أنهما عريانان تك3:7عرفا أن هذا ذكر وهذه أنثي فتغطيا بأوراق التين تك3:7المعرفة التي أضيفت
 إلي العين أفقدتها بساطتها.
إذن إن كانت عيناك بسيطة لاتضاف إليها شهوة أو إغراء أو أفكار معينة فبهذه البساطة يكون جسدك كله نيرا.
أما إذا أضيف إلي عينيك شيء
 آخر كالغضب والانتقام مثلا.
تجد ملامحك تتغير وضغط الدم عندك يزيد ومشاعرك تترك أثرها علي جسدك وحينئذ جسدك كله أضيفت إلي عينيك شهوة الزني فللتو تتغير حالتك وتفقد بساطتك وجسدك كله يصير مظلمامت5:23.
,نفس الوضع إذا أضيفت إلي عينيك شهوة الزني,فللتو تتغير حالتك وتفقد بساطتك,وجسدك كله يصير مظلما,وبالمثل في حالة مشاعر كثيرة تضاف إلي العين,فتتغير نظراتها وتفقد بساطتها ويترك ذلك أثره علي الجسد فيصير مظلما.
وبالمثل في حالة مشاعر كثيرة تضاف إلي العين فتتغير نظرتها وتفقد بساطتها ويترك ذلك أثره علي الجسد فيصير مظلما.
لنفرض مثلا أن عينك أضيف إليها شيء من اليأس تجد أنك أصبحت هامدا وذابلا ومتعبا ولاقدرة لك أن تفعل شيئا!!
يظهر اليأس في نظرات عينيك وفي حالة قلبك المظلم.ولهذا فإن الروح المعنوية تقوي الإنسان وتعيد إلي عينه نورها وإلي ملامحه بشاشتها ويصبح الجسد نيرا.
العين الشريرة أضيف إليها الشر,فأصبحت مظلمة بالشر الذي في القلب.
وإن كان الكتاب يقول من فضلة القلب يتكلم الفم مت12:34فإنه يمكنا أن نقول أيضا إنه من فضلة القلب تنظر العين حالة القلب تظهر واضحة في العين, أصلح القلب تصلح نظرات العين وإن فسد القلب يظهر ذلك في نظرة العين, وكذلك في ملامح الوجه وفي الجسد الذي يصبح مظلما.
النور الذي فيك:
يقول السيد الرب إن كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون؟!مت6:23فما هو هذا النور الذي فيك؟
نور العين يمثل النور المادي؟فهل هناك أنوار أخري فيك؟
هناك مثلا نور العقل ونور الضمير ونور الإيمان وأنوار أخري.
النور عموما يرمز إلي المعرفة والمعرفة بلاشك علي أنواع المعرفة الحسية تأتي عن طريق العين وباقي الحواس.
ولكن هناك معرفة أخري ذهنية ومعرفة روحية وهنا نذكر أن القديس أنطونيوس الكبير قال للقديس ديديموس الضرير معزيالاتحزن ياديديموس لأنك فقدت بصرا ماديا تتساوي فيه الحيوانات والحشرات ولكن ينبغي أن تفرح أن لك عينا روحية تستطيع أن تبصر بها نور اللاهوت.
وهنا لانأخذ كلمةالعين بمعناها الحرفي والمادي كمصدر للنور المادي,إنما تأخذها بمعناها الواسع الذي يشمل كل استنارة.
فالعقل أيضا نور, وعين تري وتفهم, والضمير أيضا نور نري به الحق ونميزه عن الباطل والإيمان أيضا نور نري به مالا يري, كلها عيون للإنسان فوق المستوي المادي, وكذلك الروح التي قال عنها الكتاب إنهاتفحص كل شيء حتي أعماق الله1كو2:10.
وهكذا قال الرب لتلاميذه القديسين:
أما أنتم فطوبي لعيونكم لأنها تبصر..
ذلك لأنه توجد عيون ولكنها لاتبصر.
يقول لنا المزمورالسموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه مز19:1وكثيرون ينظرون فيرون السموات لكنهم لايرون مجد الله الذي تتحدث عنه السموات!فلماذا!
لأن عيونهم ليست لها قوة إبصار ما وراء المادة!
تنظر الطبيعة ولكنها لاتبصر الله الذي خلق الطبيعة!
إنها تقف عند حد الطبيعة المادية ولاتمتد أكثر..ونحن أيضا نري ما يمر أمامنا من أحداث دون أن نري يد الله وراء الأحداث لأن لنا عيونا ولكنها لاتبصر!
حولنا ملائكة كثيرة تحرسنا ولكننا لانبصرها لأن عيوننا صارت سراجا للجسد فقط لاتري غير الجسدانيات لذلك صلي أليشع النبي من أجل تلميذه جيحزي وقالافتح يارب عينيه فيبصر2مل6:17.
فلما فتح الرب عينيه أبصر مركبات نار حول أليشع.
أيضا كلمات الرب أمامنا في الكتاب المقدس, ولانبصر كل الأسرار العميقة التي فيها!ولا مافيها من رموز ومن معان.
لذلك قيل عن السيد الرب في لقائه مع تلاميذه بعد القيامة أنهفتح ذهنهم ليفهموا الكتب لو24:45وهكذا بالنسبة إلي تلميذي عمواس ابتدأ من موسي ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب لو24:37لذلك كله يقول المزمور:
اكشف يارب عن عيني لأري عجائب من شريعتك مز119
إنها موجودة لكنها تحتاج إلي كشف لأن عيوننا من ذاتها لاتبصر لأنه حتي اليوم:حين يقرأ موسي, البرقع موضوع علي قلبهم2كو3:15فمتي يكشف الرب عن عيوننا فنبصر؟
العين من طبيعتها أن تبصر ولكن بعض العيون ليست لها قوة الإبصار الكافية في الأمور الروحية وتحتاج في ذلك إلي معونة إلهية وإلي كشف إلهي وحينما تعجز عين العقل أيضا تساعدها كلمة الله علي الرؤيا كما يقول المرتل في المزمور:سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي مز119:105,
كما أن العين سراج الجسد وهي نور كذلك كلمة الله هي أيضا سراج ونور تكشف وتهدي ولهذا يقول المرتل في مزمور آخروصية الرب مضيئة تنير العينينمز19:8.
العين هي سراج للجسد,وكلمة الله سراج ينير للعينين.
فالذي لايستنير بذاته يمكن أن يستنير بكلمة الله.
أيضا الأشياء التي لاتراها العين يمكن أن يراها العقل وأن يراها الإيمان فالإيمان يري ما لايري.
كما يقول الرسول الإيمان هو الثقة بما يرجي, والإيقان بأمور لاتري عب11:1وقد قال السيد المسيح لتلميذه الشكاك توماطوبي للذين آمنوا ولم يروايو20:29أي طوبي للذين حلت عين الإيمان عندهم محل العين الجسدية وبنفس اليقين..وبعين الإيمان ننظر باستمرار إلي غير المرئيات.. إلي الأبديات والسماويات كما قال الرسول ونحن غير ناظرين إلي الأشياء التي تري, بل إلي التي لاتري لأن التي تري وقتية وأما التي لاتري فأبدية2كو4:18.
فإن ركزت العين اهتمامها في المرئيات, تفقد نورها ويدركها الظلام.
وعن هذا الأمر وبخ السيد الرب مرثا قائلامرثا, مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة, ولكن الحاجة إلي واحدلو10:41
كان هذا الواحد معها في البيت ولكن مرثا انشغلت عنهوأصبحت مرتبكةفي خدمة كثيرةلو10:40فاضطربت وأدركتها الظلمة.
متي ننحل من الارتباك والاضطراب بأمور كثيرة تمنعنا عن الانشغال بالرب وحده؟!وحينئذ نقول مع الشاعر في الترتيلة:
هي ذي العين وقد أغمضتها..
عن رؤي الأشياء علي أن أراك.
وكذا الأذن وقد أخليتها.
.من حديث الناس حتي أسمعك.
إننا نقول ذلك لو استطعنا أن نقول أيضا معه ليس لي رأي ولا فكر ولا..شهوة أخري سوي أن أتبعك.
حقا إن العين المنشغلة بالماديات ليست عينا بسيطة a single eye وإذا اندمجت تماما في الماديات يصبح النور الذي فيها ظلاما.
نور يصير ظلاما
إن العقل نور وقد يصير ظلاما وكذلك الضمير..!
العقل نور وضعه الله فيك مصدرا للفهم والتمييز والحكمة ولكن إن سيطرت عليه مفاهيم خاطئة ومباديء هدامة حينئذ يصير ظلاما.
وكذلك إن سيطرت عليه الشكوك ووصل إلي خداع النفس فإنه كذلك يصير ظلاما وإذا العقل سيطرت عليه العادات والشهوات وأصبح عبدا لها يفكر في مطالبها ويخترع الوسائل لتحقيقها حينئذ يصير ظلاما وهكذا إن قادته المصالح الخاصة يصير ظلاما وإن صار العقل ظلاما فالظلام-الجهل-كم يكون؟! إن الحكمة وهي نور,صارت ظلاما-كالحكمة عند الحية-تك3:1وتحولت الحكمة إلي مكر وخديعة ,فالحماقة كم تكون؟! إلي مكر وخديعة فالحماقة كم تكون؟!
ذلك أن العقل لم يعد عقلا بسيطا,بل دخلت إليه أفكار شوهته وأفقدته حكمته ونوره مثل عقول المبتدعين والهراطقة ومفسري الكتاب حسب أهوائهم ومثل العقول المنحرفة بفلسفات باطلة..
نعم ماذا يكون إذا ضل العقل والنور الذي فيك صار ظلاما!!
0وبنفس الوضع نتكلم عن الضمير:وهو نور قد يصير ظلاما!
هو نور وضعه الله في الإنسان لكي يهديه إلي الخير ويبعده عن الشر بل ويبكته عليه.. ماذا إذن إذا انحرف الضمير وضل؟!
مثل أولئك الذين قال عنهم السيد الرب تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله يو16:2ومن أمثلة أولئك بعض اليهود صنعوا اتفاقا وحرموا أنفسهم قائلين أنهم لايأكلون ولايشربون حتي يقتلوا بولس. وكان الذين صنعوا هذا التحالف أكثر من أربعينأع23:13,12وأخبروا رؤساء الكهنة بذلك..
إنه ضمير قد اختل يظن أن القتل فضيلة..!
نقطة أخري وهي أن إنسانا لايسعفه نوره الطبيعي من عقل وضمير فيلجأ إلي نور خارجي هو المرشد فماذا إذا ضل المرشد؟!
وهذا أمر وارد سجله الكتاب المقدس فيما قيل مثلا عن الكتبة والفريسيين الذين جلسوا علي كرسي موسي في التعليم مت23:2ولكنهم كانوا قادة عميان لا دخلوا الملكوت ولا جعلوا الداخلين يدخلون.. وقد وبخهم الرب قائلا لهم إنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلا واحدا ومتي حصل تصنعونه ابنا لجهنم أكثر منكم مضاعفامت23:15.
يمكن إذن أن يضل المرشد ويصير نوره ظلاما وقد قال الرب:يا شعبي مرشدوك مضلون أش3:12
ومن العجب أن البعض قد يتمسكون بالمرشد حتي إن فقد نوره وصار ظلاما ويطيعونه أكثر مما يطيعون الله!!بينما الكتاب يقول ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس أع5:31.
أما أنتم فطوبي لعيونكم لأنها تبصر..تبصر الله وتبصر الحق وتبصر الأشياء التي لاتري...
علي أن هناك عينا لاتبصر قال الرب عنها إنهاعين شريرةمت6:23
إنها عين عليها سحابة من الماديات والعالميات وسحابة أخري من الشهوات ومن الدوافع الخاطئة..
هذ العين الشريرة ليست سراجا للجسد.بل علي العكس إنها تجعل الجسد أن يكون كله مظلما...
صلواتكم لضعفي🌹