الفرح اختيار وليس ظروف/ للأب أنتوني كونياريس


من الممكن أن نفرح، لكن كيف يمكن أن نفرح كل حين في الرب؟ دائماً؟
يكتب بولس الرسول في رسالة فيليبي: "أفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً أفرحوا ليكن حلمكم معروفاً عند جميع الناس" ثم يكمل : "لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع".


يخبرنا القديس بولس في هذه الآيات أنه من الممكن أن نفرح في الرب  كل حين، لو أخترنا طريقاً آخر بدلاً من القلق والإهتمام بشأن أي شيء، وهذا الأختيار هو: "في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله".

والنتيجة عندما نفعل ذلك: "سلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع".

فالفرح إذن هو إختيار.
لكن هل حقاً هو إختيار؟
هل من الممكن أن نستيقظ في الصباح ونأمر أنفسنا: "أنا آمر نفسي بأن تكون مبتهجة اليوم"؟
إن فعلت ذلك، من المحتمل أن تشعر بأنك أكثر حزناً من أي وقت مضى.


مثل الشخص الذي كتب:
"يوم ما جلست أُفكر حزين ووحيد، بدون صديق
سمعت صوتاً جاء لي من خارج الكآبة قائلاً:
إبتهج ! فمن الممكن أن تزداد الأمور سوءاً
لذا إبتهجت، وكما هو متوقع، إزدادت الأمور سوءاً "

لا تستطيع أن تأمر نفسك بأن تكون فرحان، لكنك تستطيع أن تختار أين توجه تركيزك. يمكنك أن تختار التركيز على الأمور السيئة في حياتك، إن فعلت ذلك ستكون مُحبطاً وكئيباً.

لكن إن أخترت أن تركز على الرب، ستبتهج بنوع إلهي من الفرح، بغض النظر عن ما هو سيء في حياتك.
لذا فأنت لا تستطيع النهوض من النوم في الصباح وتأمر نفسك : "أعتقد أنني سأختار أن أكون فرحاً اليوم".

لكنك تستطيع أن تقول: أختار التركيز اليوم على الرب، على مقدار عظمته، على مدى محبته لي، على الأشياء الرائعة التي فعلها من أجلي".

وعندما تختار بشكل متعمد التركيز على الرب، ستجد أنك على الدوام عندك أسباب رائعة لتكون فرحان.


على سبيل المثال، إشتكت أحدى السيدات المسنة لكاهنها يوم ما بكونها مكتئبة على الدوام، وسألته ماذا ينبغي عليها أن تفعل.

قال لها الكاهن أن تأخذ قطعة ورق وتبدأ بتسجيل قائمة بالنعم والبركات التي حصلت عليها في الحياة. ثم طلب منها أن تأخذ هذه القائمة ثلاث أو أربع مرات في اليوم وتشكر الرب على تلك البركات، بينما هي تقرأها واحدة تلو الأخرى.

وطلب منها أيضاً الإستمرار في إضافة أي بركات أخرى تتوارد لذهنها للقائمة. وقد فعلت هذه السيدة ذلك، وفي وقت قصير أتسعت القائمة لتشمل ثلاث صفحات.

إقتراح الكاهن كان إقتراحاً ممتازاً، وفي وقت قصير إستبدلت كآبتها بالفرح، إذ أنها إستمرت في التركيز على بركات الله والشكر المتواصل.


وبالتالي حياة الفرح هي فعلاً مسألة إختيار - إختيار التركيز على الرب وليس على ظروفنا.


هذه أيضاً هي نصيحة القديس مرقس الناسك الذي كتب: " يا ابني، هذه هي الكيفية التي ينبغي أن تبدأ بها حياتك بحسب الله. يجب أن تتذكر بشكل متواصل ومستمر كل البركات التي أنعم بها الله عليك في محبته في الماضي، والتي لا يزال ينعم بها عليك لخلاص نفسك".

قال معلم يهودي ذات مرة: "يجب أن يحمل أي إنسان حجران في جيبه، على واحد منهم ينقش: "أنا تراب ورماد"، وعلى الآخر عليه أن ينقش هذه الكلمات: "العالم قد خُلق من أجلي".

نحن المسيحيين نستطيع أن نضيف على هذا الحجر الثاني: "والله بذل ابنه الوحيد من أجلي". المعلم اليهودي أكمل قائلاً: "أستخدم كل حجر من هاذين الحجرين حسب الحاجة".

عندما تجرب بالكبرياء يجب علينا أن نركز على الحجر الأول: "أنا تراب ورماد"، وعندما تجرب بقلة الفرح أو اليأس يجب علينا أن نركز على الحجر الثاني: "العالم قد خُلق من أجلي، والله بذل ابنه الوحيد من أجلي".

الفرح إذاً هو إختيار، إختيار بؤرة التركيز الصحيحة التركيز على يسوع.